طرح الفيلسوف محمد المصباحي خلال مشاركته في ختام مهرجان "ثويزا" بمدينة طنجة، كما نقل عنه موقع "تيل كيل عربي"، رؤية فلسفية حول مأزق الإنسان اليوم في ظل التحولات الرقمية المتسارعة. أوضح المصباحي أن المؤسسات التقليدية الموكلة بتربية الإنسان – كالأسرة والمدرسة والحزب والنقابة وجمعيات حقوق الإنسان – فقدت فعاليتها، وترك الشباب ضحية لمنصات التواصل الاجتماعي.
اعتبر المصباحي أن الإنسان المعاصر بات محاصَراً بين عدميتين: الأولى “عدمية أصولية” ماضية أفقدته عقله وقدرته على الاختيار الحر، والثانية “عدمية رقمية” أنتجت فضاءات ضخمة للمعلومات والحرية لكنها كرست أنماطاً جديدة من الاستيلاب التكنولوجي وشكلاً جديداً من العبودية. ويرى المصباحي أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تكنولوجية، بل أصبح “الإنسان الاصطناعي” الذي ينافس الإنسان في العمل، التفكير، وحتى في العلاقات الاجتماعية والسياسية.
رغم هذا التشخيص المقلق، يؤمن المصباحي بقدرة الإنسان على التقدّم، ويقترح مشروعاً وطنياً لصناعة "إنسان مغربي قادر على التحدي والابتكار والحضور التاريخي"، في بلد يسوده توافق وتوازن. ويرى أن تجاوز الأزمة يتطلب "تنويراً رقمياً" يستثمر الفضاء الافتراضي في خدمة قيم الحداثة والتنوير دون معاداة التكنولوجيا. الحل، وفق المصباحي، يكمن في العودة إلى العقل والعمل – حيث يلتقي التعريف الأرسطي بالعقل مع التصور الماركسي لدور العمل.
ودعا المصباحي إلى إصلاح التعليم في المغرب من خلال لجنة محايدة، بعيدة عن النفوذ الحزبي والديني، تكون مهمتها إعداد نموذج جديد لـ"إنسان حر، مستقل فكرياً، يحب الثورة الرقمية ويعتز بدينه". وختم بتأكيد الحاجة إلى مزيد من العقلانية في المجتمع، داعياً إلى تنمية هذه الروح بدل الخوف منها، في إشارة إلى الشح العقلاني السائد.
Source : https://www.articlophile.net/articles/i/90200682/a...