في قلب مدينة نيويورك، اجتمع مؤخراً مجموعة من اليهود الملتزمين بالتقاليد لإحياء نقاش داخلي حول أولوية العدالة والرحمة في الفكر والممارسة الدينية اليهودية، وذلك على خلفية الحرب المستمرة في غزة والتحديات الأخلاقية المصاحبة لها. هذا الحراك، الذي أطلق عليه اسم "اليسار الهلاخي"، نشأ كرد فعل على التصاعد السياسي والديني بعد أحداث 7 أكتوبر وصعود الأصوات المتشددة داخل المجتمع اليهودي الأمريكي
اللقاء الذي احتضنته إحدى كنائس الجانب الغربي لمانهاتن، شهد حضور عدد كبير من الحاخامات والأساتذة والناشطين، إلى جانب متابعين عبر الإنترنت. الحاضرون، معظمهم من الشباب، خاضوا نقاشات معمقة حول نصوص التوراة والتلمود، ساعين لإعادة قراءة هذه النصوص بما يوفر إجابات أخلاقية معاصرة حول قضايا الحرب، السيادة الوطنية، وأخلاقيات الاحتجاج والمقاطعة.
أحد الملامح الأساسية لهذا التيار أنه لا يعارض الانتماء اليهودي أو الالتزام بالشعائر، بل يطالب بإعادة تعريف الانتماء بعيداً عن القومية المتطرفة والدفاع الأعمى عن السياسات الإسرائيلية. تؤكد العديد من الشهادات والتدخلات أن الانتساب الحقيقي للهوية اليهودية يجب ألا يُختزل في الولاء السياسي أو دعم الدولة بأي ثمن، بل في الالتزام بالمبادئ الإنسانية الأصيلة.
شهد النقاش بروز توجه جديد يدعو لصوت يهودي عالمي، يركز على التضامن مع المضطهدين، بما في ذلك الفلسطينيين، ويتبنى مراجعة نقدية للنصوص الدينية وفق متطلبات السياق الراهن. وتم التأكيد على ضرورة إنتاج أدبيات جديدة بلغة دينية معاصرة، تعبر عن قيم الرحمة والعدالة، لتغذية النقاش الديني والأخلاقي بين الأجيال الناشئة.
يلخص القيمون على هذا التيار طموحهم بالرغبة في فتح أفق جديد لليهودية، يعيد وضع الإنسان والرحمة في مركز النقاش، بعيداً عن الإطار الضيق للسياسة والقومية، ومواجهة الأصوات الداعية للتشدد والانغلاق بعقلية بناءة تستند إلى تراث عريق وإلى حاجة مُلِحّة لمقاربات أكثر عدلاً وإنسانية في العالم المعاصر.
Source : https://soubha.articlophile.com/arabic/i/90200716/...